كتاب الرأي

بيت القصيد نهاية النكبة .. إلى اللقاء

محمد بلغازي

 

 

عند مواجهة داء ووهان يعز المرء فعلا أو يهان , فالجائحة أتت على الأخضر واليابس في العالم وأجبرت البشرية على إعادة التفكير في أنماط حياتها وتعاملها مع محيطها ,بل وأصبح الإنسان جراء ذلك مضطرا لإعادة النظر في نظرية المعرفة من الأساس ..بعد أن اقترب من حافة الكارثة المرعبة والتي أججت مضاعفات اقتصادية واجتماعية تسبب فيها هذا الوباء القاتل والذي لم تسلم منه أية طبقة اجتماعية في العالم مهددا حياة الناس في كل بقاع الأرض مذكرا بالأصوات التي نادت وتنادي أولا بالحذر من قيام حرب نووية وثانيا تزايد المخاطر البيئية جراء الإحتباس الحراري الناتج عن لا مبالاة البشر حيال محيطهم البيئي تربة وبحرا وهواء ..إلا أن من حسنات كوفيد 19 أن الأرض قد بدأت تستعيد جزءا من عافيتها

بعد أن أجبرت الجائحة نصف ساكنة الأرض على الخضوع لإجراءات العزل المنزلي إضافة إلى الحجر الصحي ومنع التجول وإغلاق المعامل وإسكات محركات السيارات وكافة العربات وإخماد عوادمها ، ونزول الجيوش إلى الشوارع في العديد من بلدان العالم، وإغلاق الحدود بين مدن البلد الواحد وبين الكثير من دول العالم في أكثر عملية عزل قسري وحصار طوعي على مر العصور..

ويذهب نعوم تشومسكي أحد المفكرين الأمريكيين إلى الإعتقاد بأن ” هذا مجرد جزء واحد من كابوس رهيب مقبل، وإن لم يسارع الناس على الفور في تنظيم أنفسهم ويتضامنوا فيما بينهم لتحقيق عالم أفضل بكثير من العالم الذي يعيشون فيه فسيواجهون مصاعب هائلة لطالما أعاقت طريق الحق والعدالة، كما الاستعداد للتعامل مع الخطرين الوجوديين للحرب النووية والتغيرات المناخية والكوارث التي سيتسبب بها الاحتباس الحراري، والتي لن نتعافى منها ما لم نكن حازمين في مواجهتها حين نصل إلى تلك المرحلة، وهي باتت وشيكة الحدوث

فالعالم معيب وليس قوياً بما فيه الكفاية للتخلص من الخصائص العميقة المختلة في النظام الاقتصادي والاجتماعي العالمي كله، واستبداله بنظام عالمي إنساني كي يكون هناك مستقبل للبشرية قابل للبقاء . ”

فهل يأخذ البشر العبرة من فيروس خفي أذاقهم الويلات على مدى أشهر ومنبئا بأشرس الأوضاع العالمية حتى مع انحساره ؟

سؤال من الصعب إيجاد إجابة عنه في الوقت الراهن ولا حتى في المستقبل المرئي , فالفيروس غير المرئي له مزاجيته وبإمكانه أن يحل ” ضيفا ” متى شاء لتعود سيناريوهات الحجر والعزل والتباعد الإجتماعي وتكريس حجر من نوع آخر لا يقل خطورة عن الفيروس ألا وهو الحجر الإلكتروني الرابط بين مليارات الأشخاص عبر العالم والذي كان من المفترض أن يشكل حركة اجتماعية نشطة لمواجهة

ما نعيشه اليوم أو ما هو آت وقريب جداً من تهديدات وجودية .

فالاستخدام المفرط للهواتف الذكية المرتبطة بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وكل تكنولوجيا المعلومات لا سيما بين أوساط الشباب يقول نعوم :” قد تشكل مخرجا و وسيلة إذا أحسن استخدامها لتنظيم الصفوف والتضامن الاجتماعي لخلق حركة اجتماعية واسعة النطاق إن تمكن الناس من استخدام هذه التقنيات استخداماً جيداً في زمن العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي، للانضمام والاستقطاب والتعاون والتنسيق والتشاور المتعمد، على الرغم من العوائق التي سيتسبب بها توقف الإنترنت لفترة من الوقت “.

عند مواجهة داء ووهان يعز المرء فعلا أو يهان ؟ ولم تنج بلادنا / المغرب / من هذا البلاء كباقي دول المعمور , وقد تعاملت على ما يبدو بالسرعة اللازمة والكفاءة المطلوبة حين قررت إقفال كل المنافذ المؤدية إليها تلا ذلك حزمة من الإجراءات الوقائية على كل الأصعدة الشيئ الذي بوأها مكانة مشرفة ارتباطا بموضوع التصدي للفيروس وجنبها الوقوع في أسوء ما يمكن أن يحصل تحت وطأة كورونا ..وتساءل ويتساءل المتتبعون والخبراء كل في مجاله واختصاصه عن طبيعة الأوضاع المحلية والإقليمية داخل المنظومة العالمية بعد ” رحيل ” الفيروس أو انحساره جزئيا على الأقل . وكيف سيكون عليه الوضع المغربي بعد اجتياز امتحان كوفيد 19 ؟ وهل سنتمكن من الخروج من أمواج الجائحة بأقل الأضرار أم أننا سنعود إلى سلوكاتنا السابقة لتأخذنا الجائحة إلى المجهول .؟

واستنادا إلى امتحان العبور إلى شط الأمان بأمان ما هي المخططات المطلوبة أو المحتملة على الأقل لإعداد نماذج تنموية حقيقية في شتى المجالات بعيدا عن رغبات وتطلعات فئة قليلة من الليبراليين الجدد والذين يسعون إلى الربح والربح السريع حتى لو كان ذلك على حساب الأغلبية المستهلكة والتي من المستحيل أن تبقى صامتة بعد اليوم .. فأي توجه سياسي قد تفرضه علينا كورونا ؟ وأي اقتصاد قد يدفعنا إليه كوفيد 19 ؟ وأي إعلام قد تخطط له الجائحة ؟,وماذا عن التوزيع العادل للثروة ؟ وأي منهج تربوي تعليمي سنعتمد لاحقا ؟ وكيف وأين سنستقبل مرضانا غدا وعليهم أعراض أمراض أخرى غير أعراض كورونا ؟ . سيداتي وسادتي ,,نهاية النكبة … إلى اللقاء, لنحاول الإجابة على سيول من الأسئلة والتساؤلات و نقف فوق جبال من التطلعات و عند سفوح من الإنتظارات نتابع أمواجا من الأماني ونتطلع لتحقيق أحلام بعدد دقات القلوب العاشقة لحياة كريمة, ,فهل تصلح كورونا ما أفسده ………….. ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *