كتاب الرأي

الرئيس الجزائري يسابق الزمن ويطرح مشروع المسودة التمهيدية لتعديل الدستور في افق احكام السيطرة على كل ما في الجزائر

مصطفى البحر

 

في سباق مع الزمن وامعان مقصود للاستثمار السياسي المكشوف للازمة الصحية العالمية لجائحة فيروس كورونا وتداعياتها العنيفة قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الركوب على ذيول الكارثة الوبائية وشرع في مغازلة بعض مكونات المجتمع الجزائري من احزاب وهيئات وطنية ومدنية ونقابات وجمعيات مهنية وخدماتية وفعاليات اقتصادية وكذا جمعية العلماء وغيرها عبر ارسالهم لما اسماه مسودة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور من اجل ابداء ارائهم وملاحظاتهم ومقترحاتهم وتعديلاتهم في استثمار اعلامي مزيف وتسويق للمقاربة التشاركية المفترى بها وعليها بشأن الورقة الدستورية المزمع اقرارها بعد التداول وابداء المشورة والرأي لكافة مكونات الشعب الجزائري في مكر وتوظيف سياسي موجه اقرب الى الخندقة والترويض الافقي والعمودي لمظمون مشروع الوثيقة الدستورية .فالرئيس عبد المجيد تبون يعلم علم اليقين ان الظروف التي تمر منها الجزائر في ظل الجائحة ومخلفاتها المتواترة والقاسية لا تسمح البتة لطرح مشاريع سياسية من حجم الدستو الذي يفترض انه اسمى قانون في البلاد في هذه الظروف العصيبة جدا بحيث يعهد اليه والى مقتضياته تنظيم حياة المجتمع وضبط العلاقة بين السلطات الثلاث المعروفة التشريعية والقضائية والتنفيذية وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها وعلاقاتها بالمواطنين بالاضافة الى تحديد الواحبات والحقوق وتنظيم مجال الحريات وتدبير كافة العلائق المجتمعية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها وكذلك تحديد المهام والاختصاصات لعشرات مؤسسات الدولة وكذا تحديد طبيعة علاقاتها بالخارج. فمشروع سياسي وطني كبير من حجم الوثيقة الدستورية يتم طرحه في ظروف كالتي عليها العالم والجزائر جزء منه يطرح عشرات الاسئلة وعلامات الاستفهام حيال الخلفيات السياسية من وارء ذلك وبخاصة على مستوى التوقيت اي على مستوى الزمان والمكان. بيد ان الثابت في الفلسفة السياسية التي اطرت وتؤطر المرجعية الخاصة بالرئيس عبد المجيد تبون ومحيطه الضيق بقصر المرادية الذي تحصي انفاسه هو الاخر القيادة العامة للجيش الوطني الشعبي .يروم من حيث القصد من وراء طرح مشروع الوثيقة التمهيدية لتعديل الدستور بالدرجة الاولى الى تحييد الحراك الشعبي للشارع الجزائري الذي فشلت جميع الوصفات والاجراءات التي انتهجتها الدولة العميقة لكسر شوكته مما جعله يعمر لاكثر من سنة وهو ماكان يقض مضجع الحرس القديم .وبالتالي فالفرصة التاريخية التي منحتها جائحة كورونا للنظام الجزائري الذي عانى الامرين من شرارة الحراك الشعبي لم تكن ليحلم بها ذات النظام وبالتالي فالفرصة ذهبية ومواتية لكبح جماحه وكسر شوكته وقص جناحيه عبر تقنية الدستر ومن ثمة احتواءه والتحكم في كل تفاصيله واخضاعه للمرجعية الدستورية والقانونية بالقدر الذي يظمن افراغ محتواه. ثم ان تهديد المحتجين بالعودة الى الشارع مباشرة بعد مرحلة الجائحة للتخلص مما يسميه الحراك الجزائري من العصابة تنفذا لشعار ” يتنحو قاع” هو مبرر كافي ومشروع لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للاسراع بطرح مسودة مشروع الوثيقة الدستورية في الظرف الراهن في شكل من اشكال السباق مع الزمن. وباللغة العامية فالرئيس تبون يريد ان ” يتعش بالحراك قبل ما يتغذى به”.
الى ذلك وفي السياق ذاته حمل المشروع التمهيدي لتعديل الدستور تعديل جدري في باب السماح لوحدات الجيش الجزائري ولاول مرة في تاريخ الجزائر ومنذ الاستقلال للمشاركة في مهام البعثاث الاممية لحفظ السلام خارج البلاد بعد ان كان محرم على على العسكر الجزائري القيام بأي دور خارج الجزائر. بالاضافة الى التنصيص دستوريا

على خلق منصب نائب رئيس الجمهورية مع تحديد طبيعة مهامه وصلاحياته التي ستكون بأكملها بصيغة العطف من طرف رئيس الجمهورية .وكذا التنصيص على تعزيز صلاحيات منصب الوزير الاول ومنح بعض الاختصاصات الشبه موسعة على مستوى تدبير الشؤون العامة للمواطنين مع منح صلاحيات محددة مضبوطة بمرسوم العطف الرئاسي. الى جانب بعض التعديلات التي تصبو في مجملها باتجاه تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية وتقوية قبضة مكانته واحكام سيطرته على كافة مفاصيل الدولة وجعلها فوق كل السلطات والمؤسسات داخليا وخارجيا بما في ذلك احتواء مؤسسة الجيش وتقزيم ادوارها وصلاحياته وجعل رهن القبضة الحديدية لرئيس الجمهورية .عدا قضية التنصيص كذلك دستورية على تحديد فترة تولي منصب رئيس الجمهورية لولايتين فقط. هذه اكبر عناوين مشروع مسودة الوثيقة الخاصة بتعديل الدستورية لعبد المجيد تبون الذي يسابق الزمن لاحكام السيطرة على كل شيئ بالجزائر.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *