إفتتاحية

حالة بحث عن الحرب

حسن عثمان

لم يبق أمام سادة قصر المرادية وكبيرهم الذي علمهم الشطط إلا أن يعلنوا في لوموند ونيويورك تايمز وأساهي شيمبون عن حاجتهم العاجلة الى حرب ” مربوحة ” سلفا وبمواصفات عالية الدقة. ولعل أقل ما سيفترض في هذه الحرب ان تحول أصوات الحراك الغاضبة الى مظاهرات تأييد لجيش لم يكمل بعد مهام التحرير الوطني ، وأن تقنع طوابير الباحثين عن الحليب والخبز أنه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان، وأن تبعث الشهداء من قبورهم ليقفوا شهودا على “إرهاب” من يطالبون بمزيد من الهواء النقي وقليل من ضجيج الأحذية الثقيلة.
فعندما تضيق العقول ويعجز المدبرون المفترضون عن تدبير أزمات البلاد المتلاحقة ، تصبح الحرب ٱخر الخيارات الممكنة كما لو أنها تعد المكتوين بجحيم الأرض بما يشاؤون في جنات النعيم.
ففي حوليات التاريخ الانساني ما يفيض عن الحاجة في كشف حالات الذهان التي دفعت البعض الى الرهان على “الحرب التي تنهي كل الحروب”.
الٱن ، وبمقتضى البيانات والقرارات الصادرة ، يعلن قصر المرادية ان حربا بهذه المواصفات هي مطلبه وحبل نجاته الاخير ولكنه لا يدرك فداحة الخطأ الذي يترتب على سوء تقدير يحول الحرب من حل افتراضي عاجل الى مشكلة ماثلة مستدامة.
والأرجح أن الحرب المطلوبة لن تضع حدا لكل حالات الصداع التي يعانيها قصر المرادية هذه الأيام في مواجهة الحراك والماك وندرة الحليب والماء والخبز وتهم الفساد بالجملة وانحسار اشعاعه الإقليمي والقاري وبوار سلعته المخزونة في الرابوني. وبالطبع فان أسوأ ما يمكن أن يقرره المصاب بالصداع هو ان يطلق رصاصة على رأسه لتسكين ما لا يحتمله من الألم.
واذا كان سادة المرادية قد تأبطوا شرا وخرجوا الى العلن ، بحثا عن حرب وعدو ، فان مشكلتهم الوحيدة هي أن من يعتبرونه مرمى رصاصهم يضعهم في مرتبة الإخوة التوائم ويؤمن جازما بأن حروب الأشقاء لا تعدو ان تكون انتحارا ومجازر مجانية تعيق طريق الباحثين عن السلام والنماء وشراكات المستقبل المغاربي الواعد.
وفي الواقع، فان اوضح ما تؤكده محاضر التاريخ الإنساني ان من يبحث عن الحرب يجدها دون كثير عناء لأنها حاضرة دائما في العقول المريضة أما النادر فهو السلم الذي لا ينبت ولا يستوي الا في قلوب الشجعان والعقول المستنيرة. فطوبى للباحثين عن السلم لأنهم المنتصرون دائما وأبدا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *