دولية

توقع زيادة وتيرة الاضطرابات المدنية في العالم تقرير خطير لمؤشر السلام العالمي..

تضاعف معدل الاضطرابات المدنية منذ عام 2011، و96 دولة سجّلت مظاهرة عنيفة على الأقل عام 2019 احتج فيها المواطنون على مجموعة قضايا، من الصعوبات الاقتصادية وقساوة ممارسات الشرطة إلى عدم الاستقرار السياسي

· رغم التدهور الذي لحق بالسلمية في العقد الماضي، إلا أن مفهوم العسكرة آخذ في التحسن بشكل عام، فقد خفضت 100 دولة نفقاتها العسكرية منذ عام 2008

· فضلاً عن التحسن الذي طرأ على التأثير الاقتصادي للعنف عام 2019 بسبب تقليل حدة الصراع الداخلي، إلا أن كُلفة العنف على الاقتصاد العالمي بلغت 14,5 تريليون دولار أو ما يعادل 10,6٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي

· سجّل معدل الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية هبوطًا للعام الرابع على التوالي بانخفاض بلغت نسبته 75٪.

أبرز تداعيات كوفيد-19

· التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19 ستؤثر سلبًا على الاستقرار السياسي والعلاقات الدولية والصراع والحقوق المدنية والعنف بما يؤدي إلى نقض المُنجزات التي تحققت على مدى سنوات في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية

· مع تزايد حدة التقلبات الاقتصادية، من المتوقع أن تنقسم الدول إلى معسكرين: دول تستقر أو تتدهور فيما يتعلق بالسلام والازدهار، والمرجح أن تعاني الدول التي تعتمد على المساعدات أو ترزح تحت وطأة الديون بصفة خاصة

· الدول مثل إيطاليا واليونان ولاتفيا وبولندا هي من بين الدول الأقل احتمالاً للصمود أمام تأثيرات كوفيد-19 بشكل جيد، وذلك بسبب التحديات الاقتصادية وضعف الأداء في مجال “المرونة الاجتماعية”، في حين أن النرويج وأستراليا ونيوزيلندا في وضع أفضل للتعامل مع المستقبل

· المرجح أن يؤدي الانكماش الاقتصادي إلى انخفاض الدعم الموجه لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ما يزيد من صعوبة عملية بناء السلام، وإن كان من المرجح أيضًا أن يحفز نشوب حروب بالوكالة.

تكشف النسخة الرابعة عشرة من التقرير السنوي لمؤشر السلام العالمي (GPI) -وهو المقياس الرائد عالميًا للسلام على المستوى العالمي- أن متوسط مستوى السلمية الدولي في عام 2020 قد شهد تدهورًا للمرة التاسعة خلال 12 عامًا. وقد ذكر تقرير عام 2020 بصورة إجمالية أن 81 دولة شهدت تحسنًا في مستوى السلمية، بينما شهدت 80 دولة تدهورًا.

وتبرز الاضطرابات المدنية المتزايدة باعتبارها عامل خطر مستقبلي مع التزايد الملحوظ في أعمال الشغب والإضرابات العامة والمظاهرات المناهضة للحكومة منذ عام 2011. وقد أجرى معهد الاقتصاد والسلام هذا العام بحثًا جديدًا حول جائحة كوفيد-19 يقدم من خلاله نظرة فاحصة حول العالم في مواجهة مخاطر متزايدة عبر معظم مقاييس مؤشر السلام العالمي، بسبب الانكماش الاقتصادي المتزايد الذي من المتوقع أن يكون الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.

الجدير بالملاحظة أن أيسلندا لا تزال في صدارة مؤشر أكثر الدول سلامًا في العالم، وهي المرتبة التي تربعت عليها منذ عام 2008. وينضم إليها على قمة المؤشر كل من نيوزيلندا والنمسا والبرتغال والدنمارك. في حين بقيت أفغانستان في أسفل المؤشر لتكون الدولة الأقل سلامًا، وهو المركز الذي تقبع فيه منذ عامين، وتليها سوريا والعراق وجنوب السودان.

أما أكبر قدر من التحسن في السلمية فقد شهدته منطقة روسيا وأوراسيا، حيث شهدت تقدمًا في مجالات بحث معهد الاقتصاد والسلام حول النزاع المستمر والأمن والسلامة – وسجلت أرمينيا أكبر تحسن في أي دولة بصعودها 15 مركزًا لتأتي في المركز رقم 99 على القائمة.

وسجلت أمريكا الجنوبية أكبر تدهور في مستوى السلمية بسبب مشكلات في العسكرة والسلامة والأمن. ومع ذلك، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الأقل سلامًا. وشهدت بنين أكبر تدهور في أي بلد في العالم بتراجعها 34 مركزًا.

وفي معرض تعليقه على التقرير، صرح ستيف كيليليا قائلاً: “التوترات الأساسية في العقد الماضي حول الصراع والضغوط البيئية والنزاع الاجتماعي الاقتصادي ما تزال قائمة. ومن المُرجح أن يزيد التأثير الاقتصادي لجائحة كوفيد-19 من حدة هذه التوترات عن طريق زيادة البطالة وتعميق عدم المساواة وتفاقم ظروف العمل – ما يؤدي إلى كراهية الأنظمة السياسية وزيادة الاضطرابات المدنية. لذلك نجد أننا نمر بمنعطف حرج”.

الاضطرابات المدنية والعسكرة والإرهاب

من الاتجاهات الرئيسة التي برزت في تقرير هذا العام ذلك المستوى المتزايد من الاضطرابات المدنية في جميع أنحاء العالم. إذ شهدت نسبة لا تقل عن 58٪ من الدول المُتضمنة في مؤشر السلام العالمي احتجاجات عنيفة في عام 2019، لا سيما في تشيلي وهونغ كونغ، حيث احتج المواطنون على مجموعة من القضايا؛ منها عدم المساواة الاقتصادية ووحشية ممارسات الشرطة والقيادة السياسية وارتفاع أسعار الموارد الرئيسة.

ويعكس ذلك اتجاهًا طويل الأمد مع زيادة أعمال الشغب حول العالم بنسبة 282٪ خلال العقد الماضي، في حين ارتفعت الإضرابات العامة بنسبة 821٪. وشهدت أوروبا معظم الاحتجاجات وأعمال الشغب والإضرابات – ومع ذلك فإن نسبة 35٪ فقط من إجمالي الأحداث التي يبلغ عددها 1600 حدث تقريبًا قد سُجلت على أنها أعمال عنف؛ لتكون بذلك أدنى نسبة في العالم.

ويحدد التقرير تحسنًا بنسبة 4,4٪ في “العسكرة” منذ عام 2008، مع زيادة تمويل عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في عام 2019. كما انخفض عدد البلدان المستوردة والمصدرة للأسلحة إلى مستويات لم تحدث منذ عام 2009. إلا أنه من المحتمل أن يكون التحسن في مساهمات حفظ السلام إلى زوال، مع توجيه الحكومات الأموال نحو دعم اقتصاداتها.

إلى ذلك، تستمر حصيلة القتلى الناجمة عن عمليات الإرهاب في الانخفاض، إذ هبط إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن عمليات الإرهاب إلى ما يزيد قليلاً عن 8000 شخص في عام 2019، بتراجع من أعلى رقم مُسجل وهو 33555 شخصًا في عام 2015. وبالمثل، استمر مؤشر معدل جرائم القتل في التحسن المستمر منذ 10 سنوات، حيث سجلت 57 دولة تحسنًا، وسجلت 42 دولة تراجعًا. وانخفض معدل جرائم القتل في السلفادور بنسبة 25%، وهي الدولة التي سجلت أكبر عدد من جرائم القتل لكل 100 ألف شخص.

وبصورة إجمالية، انخفض التأثير الاقتصادي للعنف في عام 2019 إلى 14,5 تريليون دولار أمريكي، أو ما يعادل نسبة 10,6٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بسبب تسجيل عدد أقل من الوفيات الناجمة عن الصراع.

الضغوط البيئية

تستمر الضغوط البيئية في التأثير السلبي على السلام. ويشير سجل التهديدات البيئية الخاص بمعهد الاقتصاد والسلام إلى أن 27 في المائة من البلدان ستواجه مشكلات مائية كارثية و22 في المائة منها ستواجه مشكلات غذائية كارثية بحلول عام 2050.

كما يشير التقرير إلى أن هناك ما يُقدر بنحو 2,26 مليار شخص يعيشون في مناطق ذات تعرض مرتفع أو مرتفع جدًا لمخاطر المناخ في عام 2019، وأن 1,24 مليارًا من هؤلاء الأشخاص يعيشون بالفعل في بلدان ذات مستويات سلمية منخفضة. ومن المتوقع أن يؤدي التغير المناخي إلى تهجير ما يصل إلى 143 مليون شخص على مستوى العالم بحلول عام 2050، خاصة في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى (86 مليونًا) ودول جنوب آسيا (40 مليونًا) وأمريكا اللاتينية (17 مليونًا).

تداعيات جائحة كوفيد-19

أظهر بحث خاص أجراه معهد الاقتصاد والسلام أن جائحة كوفيد-19 تؤثر سلبًا على السلام في جميع أنحاء العالم، مع توقعات بأن تصبح الدول مُستقطَبة بشكل متزايد في قدرتها على الحفاظ على السلام والأمن، وهو ما يعكس قدرة الفيروس على نقض المُنجزات التي تحققت على مدار سنوات في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع استفحال الأزمات الإنسانية وتصعيد الاضطرابات والصراعات وتأجيجها.

ويحدد معهد الاقتصاد والسلام الأثر الاقتصادي لعمليات الإغلاق باعتباره تهديدًا كبيرًا للسلام. ومن المتوقع أن ينخفض حجم المساعدات الدولية مع تقلص اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ما يزيد من زعزعة استقرار البلدان الضعيفة والمتأثرة بالصراعات، ومنها ليبيريا وأفغانستان وجنوب السودان.

بالإضافة إلى ذلك، فإن البلدان ذات التصنيف الائتماني الضعيف مثل البرازيل وباكستان والأرجنتين قد تواجه صعوبة في الاقتراض وسداد الديون والحفاظ على اقتصاداتها، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة خطر عدم الاستقرار السياسي وأعمال الشغب والعنف.

فضلاً عن أن البلدان المستقرة اقتصاديًا قد تشهد أيضًا اضطرابًا كبيرًا، إذ يتعرض القادة لضغوط متزايدة بسبب استجابتهم لجائحة كوفيد-19، مع تعرض كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا لاحتجاجات بالفعل. أما في أوروبا، فمن المتوقع أن تتزايد حالات عدم الاستقرار السياسي مع تزايد أعمال الشغب والإضرابات العامة.

ومع كل ما سبق، فقد يكون للأثر الاقتصادي للفيروس تأثير أكثر إيجابية على الحروب بالوكالة بحيث يصبح من الصعب تمويلها في خضم أوضاع التدهور الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط. في هذا السياق، سيكون نشاط المملكة العربية السعودية في اليمن والتدخل الروسي والتركي في سوريا ودعم إيران للميليشيات – مثل حزب الله – من أبرز الأمثلة التي يمكن تتبعها في العام المقبل.

وسط هذا الاضطراب المتنامي، تتزايد التوترات والاحتكاكات بين الولايات المتحدة والصين داخل المنظمات المتعددة الأطراف مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية ومجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.

نظرة عامة إقليمية:

· شهدت منطقتان فقط من تسع مناطق في العالم تحسنًا في مستوى السلمية خلال عام 2019: أمريكا الشماليةوروسيا/أوراسيا

· وشهدتأمريكا الجنوبية أكبر انخفاض، وكانت المنطقة الوحيدة التي سجلت تراجعًا في جميع المجالات الثلاثة التي يشملها مؤشر السلام العالمي: السلامة والأمن والعسكرة والصراع المستمر

· وتظلأوروبا المنطقة الأكثر سلامًا في العالم. كما سجلتاليونان وبلجيكا أكبر تحسن في مستوى السلمية. ويرجع التحسن الذي شهدته اليونان إلى تسجيلها درجة أفضل على مقياس الإرهاب السياسي، أما في بلجيكا فكان بسبب تسجيل عدد أقل من القتلى بسبب الصراع الداخلي، كما سجلت كلتا الدولتين تحسنًا في معدلات جرائم القتل

· وحافظتخمس دول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على استمرار وجودها ضمن أفضل 25 دولة على مؤشر السلام العالمي. وجاءتنيوزيلندا في المركز الأول بالمنطقة والثانية بشكل عام في مؤشر السلام العالمي لعام 2020، وذلك على الرغم من انخفاض درجاتها بنسبة 2,3٪ بسبب الهجوم على مسجد كرايستشيرش في 15 مارس 2019

· وانخفض مؤشر السلمية في أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي مع تزايد حصيلة الوفيات بسبب الصراع الخارجي وتراجع درجاتها على مقياس الإرهاب السياسي. وقد صُنفتالمكسيك مرة أخرى بأنها الدولة الأقل سلامًا في المنطقة – حيث شهدت تدهورًا بنسبة 2,3٪ في مستوى السلمية. كما ارتفع معدل جرائم القتل بها بنسبة 29٪

· ولا تزالمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الأقل سلامًا على مستوى العالم. وحققتالبحرين أكبر معدل للتحسن بنسبة 4.8٪ – وهو ثالث أكبر تحسن في أي دولة بشكل عام

· يمثل مؤشر السلام العالمي لعام 2020 السابقة الأولى التي تشهد فيها أمريكا الشمالية تحسنًا معتدلاً في مستوى السلمية منذ عام 2016

· وتراجع معدل السلمية في جنوب آسيا على مؤشر السلام العالمي لعام 2020، وذلك بسبب التراجعات في مستوى السلمية في أفغانستانوسري لانكا. كما صُنفتبوتان في مرتبة الدولة الأكثر سلامًا بمنطقة جنوب آسيا وهي الدولة الوحيدة خارج أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ التي تُصنف ضمن أفضل 20 دولة على مؤشر السلام العالمي

· وسجلت منطقةأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تراجعًا بنسبة 0,5٪ في مستوى السلمية. إذ تحسنت مستويات السلمية في عشرين دولة من دول المنطقة، في حين تدهورت المستويات في 24 دولة أخرى. وشهدتبنين أكبر تدهور مُسجل في أي بلد في العالم بتراجعها 34 مركزًا في التصنيف لتأتي في المركز 106 على مؤشر السلام العالمي لعام 2020.

نُبذة عن مؤشر السلام العالمي ( GPI )

يقدم مؤشر السلام العالمي (GPI) -الذي يصدر عن مركز الدراسات الفكرية الدولي المعروف باسم معهد الاقتصاد والسلام (IEP)- التحليل الأكثر شمولاً واعتمادًا على البيانات حتى الآن عن السلام واتجاهاته وقيمته الاقتصادية، ويوضح كيفية بناء مجتمعات سلمية. يغطي التقرير ما نسبته 99,7٪ من إجمالي سكان العالم ويُستخدم في تجميع المؤشر 23 مُحددًا نوعيًا وكميًا من مصادر تحظى بالتقدير العالي لتجميع المؤشر. تُجمع هذه المُحددات في ثلاثة مجالات رئيسة: الصراع المستمر والسلامة والأمن والعسكرة.

نُبذة عن معهد الاقتصاد والسلام

معهد الاقتصاد والسلام (IEP) هو مركز دولي مستقل للدراسات الفكرية ينصب تركيزه على تحويل انتباه العالم نحو السلام كمقياس إيجابي وملموس وقابل للتحقيق تُقاس به رفاهية الإنسان وتقدمه. وتنتشر مقراته في كل من سيدني وبروكسل ونيويورك ولاهاي ومكسيكو سيتي وهراري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *