إفتتاحية

الجزائر تنسحب من الموائد المستديرة بعد التقرير الأممي

مصطفى البحر

 

قررت الجمهورية الشعبية الديمقراطية الجزائرية عبر رأس النظام والأطراف العسكرية المتحكمة في دواليب الدولة؛ انسحابها من الدوائر المستديرة للحوار والمفاوضات التي دعت إليها الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الامن من أجل البحث عن مقومات الحل السياسي لقضية الصحراء المغربية بالاستناد الى مرجعية القرارات الأممية الصادرة عن مجلس الامن عبر مراحل متتالية المخصصة للتداول في هذا النزاع الاقليمي المفتعل، والمتمثلة في القرارات “2460-2468-2494-2548″ حيث دعت جميع هذه القرارات الى إيجاد حل لتسوية النزاع من خلال البحث عن حل سياسي سلمي متفق عليه من طرف جميع الاطراف المعنية ، بعيدا عن المقاربات العقيمة والاطروحات البالية التي عفى عنها الزمان من قبيل ما يعرف بالأطروحة المسماة ” تقرير المصير ” بعد ان ثبت للمنتظم الدولي وهيئة الامم المتحدة استحالة تطبيق هذا المبدأ في قضية مصطنعة،لا جدور سياسية أو تاريخية أو جغرافية لها على أرض الواقع.
ولا تتوفر على الشروط القانونية والوجودية والواقعية لأسقاط مقتضيات القرار 1415 الخاصة بعض بنوده بتقرير مصير الشعوب على نزاع الصحراء المغربية المصطنع ،على اعتبار ان جبهة البوليزاريو التي تدعي تمثيليتها الحصرية للصحراويين وتنازع المملكة المغربية في ملكية أقاليمها الجنوبية ، ليست سوى صنيعة جزائرية محلية بمؤثتات انفصالية مزعومة وثوابل صحراوية مزورة، والعالم بأسره يعلم هذه الحقيقية المتمثلة في أكبر كذبة شهدها تاريخ البشرية في عمليات محاولات السطو على الحقوق الشرعية والتاريخية والجغرافية للوحدة الترابية للدول، بما في ذلك الدول التي تدور في فلك النظام الجزائري ، رغم الادعاء بغير ذلك.
الامر الذي دفع أعضاء مجلس الأمن الى إدارج قضية الصحراء المغربية منذ البداية تحت البند السادس من الامم المتحدة باعتبارها نزاع مصطنع لا يتوافق مع البنود والمواثيق الأممية ذات الصلة بالنزاعات الإنفصالية الحقيقية التي تحددها مجموعة من الآليات والمعطيات والبيانات وكذا المحددات الاممية.
وبالتالي فهي ” قضية الصحراء”
تندرج تحت البند السادس الخاص بالبحث عن حلول “السلام والأمن” ولا تخضع البتة الى البند السابع لانعدام مقوماته القانونية والشرعية والاممية الذي يفرض الحلول بالقوة بما في ذلك القوة العسكرية بين الاطراف المعنية بالصراع، زد على ذلك وكما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتريس المقدم إلى أعضاء مجلس الأمن مؤخرا حول ملف نزاع ” الصحراء المغربية” ان جبهة البوليزاريو لا تتوفر على الصفة الشرعية او التمثيل القانوني داخل الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بل تتوفر فقط على التمثيلية بولاية نيويورك كما حال العديد من التمثيليات الخاصة بالأفراد والجماعات داخل الولايات المتحدة الامريكية، ولا علاقة لشيء إسمه ممثل البوليزاريو داخل هيئة الامم المتحدة، كما تدعي وتروج الجزائر وصنيعتها لعقود من الزمن.
التقرير الأممي الأخير لغوتريس وضع حدا لجميع الأكاذيب والإفتراءات والمغالطات التي يمارسها خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية لأول مرة في تاريخ هيئة الامم المتحدة، ما دفع النظام الجزائري الى تكليف ممثله الدائم بالأمم المتحدة إلى إبلاغ هذه الهيئة الأممية وكذا أعضاء مجلس الأمن بقرار الجزائر القاضي بالانسحاب من موائد الحوار والمفاوضات الخاصة بقضية الصحراء المغربية ، على اعتبار أن الجزائر يقول حكامها ، ليست معنية بالنزاع وليست طرفا فيه كما تدعي الامم المتحدة ومجلس الامن ومعهم المملكة المغربية. القرار الجزائري جاء مباشرة بعد ان أكد الأمين العام انطونيو غوتريس في التقرير المذكور على الدور الرئيسي والمركزي والمحوري للجزائر في نزاع الصحراء.
وبالتالي وجب مشاركتها الرسمية في جولات الموائد المستديرة ذات الصلة بالمفاوضات باعتبارها طرف مباشر ومعني رسمي بالصراع، و كذلك بعد ما فضح ذات التقرير الأممي جميع الإدعاءات والإفتراءات والحرب الإفتراضية المختلقة ببعض مناطق الصحراء التي تدعيها الجبهة في ما تعتبره بيانات عسكرية .
القرار الجزائري بالانسحاب من طاولة الحوار جاء كرد فعل يائس ومهزوم بعد ان عرت تفاصيل التقرير الأممي كافة الأكاذيب والانتصارات السياسية والدبلوماسية والعسكرية التي روجت وماتزال لها لشهور خلت ، في عملية تدجين سياسي وإعلامي مفضوح للشعب الجزائري. وكشفت بالمقابل المناورات والدسائس والتحرشات لنظام الجنرالات ضد المغرب في أكثر من مناسبة، بل الذي اصاب النظام الجزائري في مقتل ، قبل أن يجن ويصاب بهستيرية غير طبيعية، هو ما ذكره الأمين العام للأمم المتحدة حول التقدم التنموي الذي عرفته مدن الصحراء وتوالي الانتصارات على مستوى دبلوماسية القنصليات والبعثات التي تم افتتاحها بكل من العيون والداخلة لعدد من الدول الافريقية والعربية والقنصلية الافتراضية للولايات المتحدة الامريكية، والباقي في الطريق.
بالاضافة الى إشارته الى مجموعة من المكتسبات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية بخصوص قضية وحدتها الترابية على كافة الاصعدة في حين يراكم فيه خصوم المملكة الخيبات والانتكاسات بالداخل والخارج، ما يؤشر على انهيار أطروحة البوليزاريو المارقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *