إفتتاحية

النظام الجزائري يدق طبول الحرب لتنفيس الأزمة الداخلية

مصطفى البحر


في حوار مع وسائل الاعلام المحلية، كشف رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون عن حقيقة العداء المستحكم في عقيدة هذا النظام ضد المملكة المغربية.
حيث أكد ساكن قصر المرادية ان بلاده ” لن تقبل بأي وساطة مع المغرب لاعادة العلاقات بين البلدين الى طبيعتها” معللا ذلك بأن الجزائر قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية بفعل مواصلة هذه الأخيرة للأعمال العدائية ضد بلاده. وزاد قائلا في رده على سؤال حيال طبيعة النزاع بين المغرب والجزائر ، وهي بالمناسبة أسئلة معدة سلفا ومبرمجة  بدقة متناهية من طرف الجهات الاستخباراتية بالغرف المغلقة خصيصا لتفسح المجال واسعا للرئيس عبد المجيد تبون لتمرير الرسائل المسطرة في الأجندة المستهدفة للأطراف المعنية بالاساس.
قال الرئيس الجزائري في سياق الرد على السؤال المذكور ” لايجب أن نساوي بين الضحية والجلاد وبين المعتدي والمعتدى عليه، نحن لم نتلفظ بأي شيء يمس بالوحدة الترابية للمغرب ، كانت هناك سوابق عدائية ضد الجزائر عام 1963 مباشرة بعد الاستقلال عن فرنسا.”
وفي اتهام مبطن وغير مسبوق ضد المغرب وكمن يحارب طواحن الهواء وبنبرة مجسورة باتهامات لا دليل عليها ودون أن يرف له جفن قال الرئيس أن ” المغرب كان يأوي الإرهابيين في اكادير و يقدم لهم الفلل و الحرس و الاموال، لضرب الجزائر في كل عام او عامين “.
وفي خطوة استئسادية وتنمر   “كرطوني” حذر رئيس جمهورية بلاد المليون و نصف شهيد من أي اعتداء محتمل على بلاده ، مؤكدا على أن الجزائر لن تتوقف حينها ،وأردف قائلا ” من يبحث عنا سيجدنا، نحن شعب مقاوم ونعرف قيمة الحرب والبارود مثلما نعرف قيمة السلم ، من يعتدي علينا سيندم كثيرا على اليوم الذي ولد فيه.” انتهى كلام الرئيس الجزائري فيما يخص حديثه عن المغرب.
الى ذلك يستشف كما يقال من إيحاء الكلمة العديدة من العبر والدلالات الرمزية المشفرة والغير كذلك، وبالتالي فعبارات الرئيس الجزائري تنطوي بالدرجة الأولى على عداء دفين حيال كل ما هو مغربي ،وإمعان لتقعيد أصوله في استغلال ماكر للقضايا والاحداث التي تشهدها المنطقة المغاربية.
كما تكشف ذات العبارات عن حقيقة الافلاس السياسي الذي وصلت إليه النخب الحاكمة في جزائر الجوار ، و أماطت اللثام عن ضعف الاحتراف السياسي والدبلوماسي لحكام قصر المرادية في تدبير سياسات علاقات الجوار، وعرى واقع الحال الاجتماعي والاقتصادي المتسم بالانهيار وانحسار الرؤية وانسداد الأفق بالداخل الجزائري في ضوء الأزمة الخطيرة المتمثلة في شرعية النظام الحاكم من عدمها ، وسياسة الحديد والنار التي يدبر بها شؤون البلاد.
مقابل قوة شرعية الحراك السلمي الشعبي الذي عمر لقرابة السنتين، ما هز أركان وقواعد الحكم بجزائر الثورة.
وفي سياق متصل يمكن فهم تهديد الرئيس الجزائري وتلويح بلاده بإمكانية شن الحرب على المملكة المغربية في أي لحظة من لحظات الطيش السياسي والعسكري في ظل العقدة السيكولوجية والنفسية المستحكمة في العقل الجزائري، لكن لايمكن اطلاقا  توقع حجم الرد المغربي على أي خطوة متهورة لنظام الجنرلات لدولة الجوار، كما لا يمكن توقع حجم المساحات الجغرافية التي قد تغطيها لا قدر الله الحرب بالمنطقة المغاربية، في حالة ما إذا فرضت على المغرب.
كما قد يستعصي على من بدأها أن يتحكم في قرار توقيفها ،ولا حتى توقع ما يمكن ان يترتب عنها من خسائر بشرية ومادية وسياسية واقتصادية واجتماعية وجغرافية.
واتساقا بواقع هذا المنحى ” الهدام” فحكام المملكة المغربية يدركون جيدا الاهداف والمرامي التي يسعى من ورائها صناع القرار بالجزائر، من خلال التلويح والتسويق للحرب ودق طبولها ، بخاصة في المرحلة الراهنة.
وبالتالي لن يمنحهم المغرب على الإطلاق تحقيق هذا المسعى المدمر للمنطقة المغاربية ، ولن يجاري جنرالات الجوار هوسهم في إشعال فتيل الحرب بين الشعبين الشقيقين، لأن ما يسعى إليه قصر المرادية يتمثل في محاولة تصدير الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي يعيشها الشعب الجزائري.
بمعنى الجنرلات يبحثون عن منفذ لإنقاذهم من النيران الحارقة للحراك الشعبي السلمي ، بعد أن قرر تنحية الجيش عن سدة الحكم والتأسيس لدولة مدنية تتمتع بالشرعية الحقيقية المنبثقة عن الشعب. ثم هناك معطى أخرى له من الدلالة والرمزية الشيء الكثير بخصوص منع الحرب مع الجزائر من جانب المغرب ، الامر يتعلق بالعهد الذي قطعه العاهل المغربي محمد السادس على نفسه في خطاب العرش لهذه السنة ، حيث أكد في رده على استفزازات وأكاذيب و روايات النظام الجزائري وما يسوق له من مخاطر و تهديدات و تآمر و غيرها من الادعاءات ، أن الشعب الجزائري أخ شقيق ولم ولن يصله من المغرب أي سوء او شر. بل رفع ملك المغرب علاقة الشعبين المغربي و الجزائري الى خانة الشعبين التوأم. في صيغة توصيفية غير معهودة لطبيعة وحقيقة القراءة الصادقة والأخوية للزاوية التي يرى من خلالها المغاربة وحكامهم ، الشعب الجزائري.
وبالتالي لايمكن لرئيس دولة من حجم الملك ان يناقض كلامه او يزيح عنه قيد أنملة، مهما بلغت الضغوط و الاستفزازات وكذا التحرشات و الاتهامات الخارجية عن كافة الاعراف والسياقات التاريخية و الجغرافية والسياسية والدبلوماسية التي يمارسها نظام الجنرلات فوق التراب الجزائري للدفع بشن الحرب بين البلدين. فالمغرب يبقى الحاضن الأقوى لامتصاص أعتى الصدمات الممكنة، و الطرف الاكثر رزانة و تعقلا في تقبل حماقات حكام الجوار ، و تجاوز ردات الفعل الغاضبة المشحونة بالأوهام والنرجسية المفرطة في تمجيد “الانا” المدمرة.
بل نظام الحكم في المملكة المغربية ، قطع الشك باليقين أن ما جاء على لسان رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون في حواره الاعلامي الممنهج من تهديد و وعيد و اتهامات مفبركة ودفع لمبررات كاذبة ، لا ترقى البتة الى مستوى مسؤولية رجل دولة من حجم رئيس الجمهورية.
كما أنه لا يتمتع إطلاقا بصفة الحكام و الرؤساء المتعارف عليهم ،سيما في مجالات تدبير أزمات الجوار ، بخاصة إذا كانت من الصنف المصطنع الذي يروج لها حكام الجوار المغربي.
وكفى الله الاخوة شر القتال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *